۩۩ شـــــــات ودردشــــــة الـقـيـصـــر ۩۩

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
۩۩ شـــــــات ودردشــــــة الـقـيـصـــر ۩۩

المواضيع الأخيرة

» ابيك تعرف يا صديقي
مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي  الحلقة الاولى I_icon_minitimeالجمعة فبراير 01, 2013 5:35 am من طرف الساهر

» نصيحة لي ولكم ولكل فتاة
مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي  الحلقة الاولى I_icon_minitimeالسبت يناير 14, 2012 9:29 pm من طرف جريحة غزة

» هيك الفلسطينيه
مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي  الحلقة الاولى I_icon_minitimeالخميس يناير 12, 2012 5:17 am من طرف marah

»  لا تحزن يا قلبي
مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي  الحلقة الاولى I_icon_minitimeالخميس يناير 12, 2012 5:09 am من طرف marah

» كلام حزين من قلب مجروح
مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي  الحلقة الاولى I_icon_minitimeالخميس يناير 12, 2012 4:59 am من طرف marah

» كلمات روعة جداً
مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي  الحلقة الاولى I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 10, 2012 11:08 pm من طرف جريحة غزة

» جلســت اعـدُ ذنوبــي !
مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي  الحلقة الاولى I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 10, 2012 3:20 am من طرف جريحة غزة

» إرحَل بعيدا وَ حسبْ
مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي  الحلقة الاولى I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 10, 2012 3:13 am من طرف جريحة غزة

» اعمدة الحب السبعه‏
مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي  الحلقة الاولى I_icon_minitimeالأحد يناير 08, 2012 4:02 am من طرف جريحة غزة

المدير العام

          


     فــــــآآآرس  

شيرا

       

fofo211.giffofo211.giffofo211.giffofo211.giffofo211.gif

   شــــــــــــــــيرا

زهرة الربيع

          


   *زهرة الربيع *

ريــنـــــاس RE


fofo211.giffofo211.giffofo211.giffofo211.giffofo211.gif
ريــنـــــاس   RE


    مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي الحلقة الاولى

    almontaser
    almontaser


    عدد المساهمات : 15
    تاريخ التسجيل : 19/06/2011

    مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي  الحلقة الاولى Empty مباديء الفقه الاسلامي على منهج الامام الشافعي الحلقة الاولى

    مُساهمة  almontaser الأحد يونيو 19, 2011 5:07 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم
    المقدمة

    الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه المبين: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين.
    والصلاة والسلام على سيدنا محمد الرسول الأمين قائد الغر الميامين القائل: "من يرد الله به خيراً يفقه في الدين" وعلى آله الطاهرين وأصحابه الذين عملوا على نشر هذا الدين بالحجة والدليل الواضح المبين.

    وبعد: فغن خير ما يشتغل به الإنسان معرفة الحلال والحرام من الأحكام، وعلم الصحيح من الفاسد من الأعمال؛ وعلم الفقه هو الذي أخذ على عاتقه بيان ذلك. ولقد ألف كثير من علمائنا الأقدمين كتبا في هذا الفن يكاد لا يحصيها العدّ، ولا شك أن كل واحد من هؤلاء المؤلفين الأفاضل قد لاحظ أن هناك ثغرة يوجب عليه دينه أن يقوم بسدها وحاجة يجب عليه أن يبذل كل ما في وسعه لقضائها؛ فمن مطول يجد أن هناك حاجة ماسة للتطويل، ومن مختصر يجد أن هناك طلباً ملحاً للاختصار، ومن ناظم ومن ناثر، ومن باحث في أمهات المسائل وما ينبثق منها من فروع، ومن مقتصر على بيان أمهات المسائل من غير تعرض لكثير من الفروع، وكلهم يقصد بما ألفه ملء فراغ يجب أن يملأ، وفرجة في المكتبة الإسلامية يجب أن تسد، لعل الله سبحانه أن يكون راضياً عنه بما عمل، ومسجلاً عمله في عداد الصدقات الجارية والعلم النافع التي لا ينقطع ثوابها إلى يوم القيامة.
    ولقد لاحظنا أن هناك حاجة إلى سلسلة فقهية تذكر فيها أمهات المسائل مقرونة بأدلتها من الكتاب الكريم والسنة المطهرة، مشفوعة ببيان ما نستطيع أن نصل إليه بعقولنا من حكمة التشريع. مع سهولة في التعبير، وإكثار من العناوين المنبهة إلى ما تحتها من مسائل. ومع اعتقادنا بأننا لم نبلغ بعد درجة أسلافنا الفقهاء العظام فإننا شعرنا أن من الواجب علينا أن نقوم بالأمر، فاستعنّا بالله وقمنا بذلك على قدر استطاعتنا تاركين لأرباب الكفاءة الصحيحة تتميم ما نقص، وإصلاح ما اعوجَّ، وتصويب ما وقع فيه من الخطأ، إذ لا ندعي – ولن ندعي- أننا قد بلغنا الغاية مع إفراغ جميع ما لدينا من وسع.
    وها نحن أولاء نقدم الحلقة الأولى من السلسة في موضوع الطهارة والصلاة الواجب على كل مسلم العلم به؛ وأسمينا هذه السلسة (الفقه المنهجي) على مذهب الإمام الشافعي، وما على إخواننا الذين يريدون الوصول إلى الأفضل–لا تسقُّط والتقاط العيوب- إلا أن يرشدونا إلى ما فاتنا مما هدفنا إليه.
    اللهم أخلص نياتنا وأعمالنا، ووفقنا لما تحبه وترضاه، وانفع المسلمين بما عملنا، واهدنا سواء السبيل.

    المؤلفون

    الدكتور مصطفى الخن الدكتور مصطفى البغا
    علي الشربجي

    مدخـل
    في التعريف بعلم الفقه ، ومصادره، وبعض مصطلحاته

    معنى الفقه:
    إن للفقه معنيين: أحدهما لغوي، والثاني اصطلاحي.
    أما المعنى اللغوي: فالفقه معناه: الفهم. يقال: فقه يفقه: أي فهم يفهم.
    قال تعالى: فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا [النساء:78]. أي لا يفهمون. وقال تعالى:ولكن لا تفقهون تسبيحهم [الإسراء: 44]. أي لا تفهمون تسبيحهم.
    وقال رســـول الله صلى الله عليه وسلم: " إن طولَ صّلاةِ الرَّجُلِ وقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌٌ مِنْ فٍقْهِهِ" (رواه مسلم:869). أي علامة فهمه.
    وأما المعنى الاصطلاحي؛ فالفقه يطلق على أمرين:
    الأول: معرفة الأحكام ا لشرعية المتعلقة بأعمال المكلفين وأقوالهم، والمكتسبة من أدلتها التفصيلية: وهي نصوص من القرآن والسنة وما يتفرع عنهما من إجماع واجتهاد.
    وذلك مثل معرفتنا أن النية في الوضوء واجبة أخذاً من قوله صلى الله عليه وسلم: " إنَّما الأعْمالُ بِالنيَّات " (رواه البخاري:1، ومسلم : 1907).
    وإن النية من الليل شرط في صحة الصوم أخذاً من قوله : " مَنْ لَم يبيَّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الفَجْرِ فلا صيام له" (رواه البيهقي:4 / 202،الدارقطني:2/172،وقال: رواته ثقات).
    ومعرفتنا أنَّ صلاة الوتر مندوبة، أخذاً من حديث الأعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الفرائض، ثم قال بعد ذلك: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُها؟ قال: "لا إلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ" .(رواه البخاري:1792/مسلم:11).
    وأن الصلاة بعد العصر مكروهة أخذاً من نهيه عليه الصلاة والسلام عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. [ رواه البخاري:561، ومسلم:827].
    وأن مسح بعض الرأس واجب أخذاً من قوله تعالى:وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ  [المائدة:6] . فمعرفتنا بهذه الأحكام الشرعية تسمى فقهاً اصطلاحاً.
    والثاني: الأحكام الشرعية نفسها، وعلى هذا نقول : درست الفقه، وتعلمته: أي إنك درست الأحكام الفقهية الشرعية الموجودة في كتب الفقه، والمستمدة من كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وإجماع علماء المسلمين، واجتهاداتهم.
    وذلك مثل أحكام الوضوء، وأحكام الصلاة، وأحكام البيع والشراء، وأحكام الزواج والرضاع، والحرب والجهاد، وغيرها.
    فهذه الأحكام الشرعية نفسها تسمى فقهاً اصطلاحاً.
    والفرق بين المعنيين: أن الأول يطلق على معرفة الأحكام، والثاني يطلق على نفس الأحكام الشرعية .
    ارتباط الفقه بالعقيدة الإسلامية:
    من خصائص الفقه الإسلامي – وهو كما قلنا: أحكامُ شرعية ناظمةُ لأفعال المكلفين وأقوالهم – أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإيمان بالله تعالى، ومشدود تماماً إلى أركان العقيدة الإسلامية، ولا سيما عقيدة الإيمان باليوم الآخر.
    وذلك لأن عقدية الإيمان بالله تعالى هي التي تجعل المسلم متمسكاً بأحكام الدين منساقاً لتطبيقها طوعاً واختياراً.
    ولأن من لم يؤمن بالله تعالى لا يتقيد بصلاةٍ ولا صيامٍ، ولا يراعي في أفعاله حلالاً ولا حراماً، فالتزام أحكام الشرع إنما هو فرعُ عن الإيمان بمن أنزلها وشرعها لعباده.
    والأمثلة في القرآن الكريم التي تبيِّن ارتباط الفقه بالإيمان كثيرة جداً. وسنكتفي بذكر بعضها لنرى مدى هذا الارتباط بين الأحكام والإيمان وبين الشريعة والعقيدة:
    1- لقد أمر الله عز وجل بالطهارة وجعل ذلك من لوازم الإيمان به سبحانه وتعالى فقال:  يا أَيُّها الَّذينَ آمنوا إذا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ فاغْسِلوا وُجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إلى المَرَافِقِ [المائدة:6].
    2- ذكر الله الصلاة والزكاة وقرن بينهما وبين الإيمان باليوم الآخر، قال تعالى:  الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [ النمل:3].
    3- فرض الله الصوم المفضي إلى التقوى، وربطه بالإيمان، قال تعالى:يا أَيُّها الَّذينَ آمنوا كُتٍِبَ عَليْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ على الَّذينَ مِنْ قَبْلٍكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [ البقرة:183].
    4- ذكر الله تعالى الصفات الحميدة التي يتحلى بها المسلم وربط ذلك بالإيمان به تعالى والتي يستحق بها دخول الجنة، فقال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ المؤمنون:1-11].
    اللغو: الباطل وما لا فائدة فيه من قول أو فعل. لفروجهم حافظون: جميع فرج وهو اسم لعضو التناسل من الذكر والأنثى.
    وحفظها: صيانتها عن الحرام ومن الوقوع في الزنى خاصة. ما ملكت أيمانهم: النساء المملوكات وهن الإماء. غير ملومين: بوطئهن.
    العادون: الظالمون والمجاوزون.
    5- أمر الله تعالى بحسن معاملة النساء ومهَّد لذلك بنداء المخاطبين فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19]
    تعضلوهن: تمنعوهن من الزواج. بفاحشة: سوء خلق أو نشوز أو زنى. مبينة: واضحة وظاهرة.
    6- أمر المطلقة أن تعتدّ ثلاثة قروء وألا تكتم ما في رحمها إن كانت حاملاً وعلق ذلك على الإيمان بالله واليوم الآخر، قال تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:228].
    7-أمر الله سبحانه وتعالى باجتناب الخمر والميسر والأنصاب والأزلام بعد أن نادى المؤمنين بوصف الإيمان، مشعراَ بذلك اجتنابها مرتبط بخلوص إيمانهم، فقال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة :90].
    8- حرَّم الله سبحانه وتعالى الربا وربط بين تركه وتحقيق التقوى والإيمان، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:130]
    وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [البقرة:278].
    9- حضَّ على العمل وأحاطه بسياج من الشعور بالمراقبة الإلهية والشعور بالمسؤولية، قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [التوبة:105].
    وهكذا فقلَّما تجد حكماً من أحكام الدين في القرآن إلا وهو مقرون بالإيمان بالله تعالى ومرتبط بأركان العقيدة الإسلامية، وبهذا اكتسب الفقه الإسلامي قداسة دينية، وكان له سلطان روحي، لأنها أحكام شرعية صادرة عن الله تعالى موجبة لطاعته ورضاه، وفي مخالفتها خطر غضبه وسخطه، وليست أحكاماً قانونية مجردة لا يشعر الإنسان لها برابط يربطها في ضميره، أو يصلها بخالقه. قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النساء:65].
    شمول الفقه الإسلامي لكل ما يحتاج إليه الناس:
    لا شك أن حياة الإنسان متعددة الجوانب، وأن سعادة الإنسان تقتضي رعاية هذه الجوانب كلها بالتنظيم والتشريع، ولمَّا كان الفقه الإسلامي هو عبارة عن الأحكام التي شرعها الله لعباده رعاية لمصالحهم ودرءاً للمفاسد عنهم، جاء هذا الفقه الإسلامي ملماً بكل هذه الجوانب، ومنظماً بأحكامه جميع ما يحتاجه الناي، وإليك بيان ذلك:
    لو نظرنا إلى كتب الفقه التي تضمن الأحكام الشرعية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع علماء المسلمين واجتهاداتهم، لوجدناها تنقسم إلى سبع زمر وتشكل بمجموعها القانون العام لحياة الناس أفراداً ومجتمعات :
    الزمرة الأولى: الأحكام المتعلقة بعبادة الله من وضوء وصلاة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك، وتسمى هذه الأحكام: العبادات.
    الزمرة الثانية: الأحكام المتعلقة بالأسرة من زواج وطلاق، ونسب ورضاع، ونفقة وإرث، وغيرها، وتسمى هذه الأحكام: الأحوال الشخصية.
    الزمرة الثالثة: الأحكام المتعلقة بأفعال الناس،ومعاملة بعضهم بعضاَ من شراء ورهن وإجارة، ودعاوي وبينات، وقضاء وغير ذلك، وتسمى هذه الأحكام: معاملات.
    الزمرة الرابعة: الأحكام المتعلقة بواجبات الحاكم من إقامة العدل ودفع الظلم وتنفيذ الأحكام، وواجبات المحكوم من طاعة في غير معصية وغير ذلك، وتسمى هذه الأحكام: الأحكام السلطانية، أو السياسية الشرعية.
    الزمرة الخامسة: الأحكام المتعلقة بعقاب المجرمين وحفظ الأمن والنظام مثل: عقوبة القاتل والسارق وشارب الخمر وغير ذلك، وتسمى هذه الأحكام: العقوبات.
    الزمرة السابعة: الأحكام المتعلقة بالأخلاق والحشمة، والمحاسن والمساوئ وغير ذلك، وتسمى هذه الأحكام: الآداب والأخلاق.
    وهكذا نجد أن الفقه الإسلامي شامل بأحكامه لكل ما يحتاج إليه الإنسان، وملمَّ بجميع مرافق حياة الأفراد والمجتمعات.

    مراعاة الفقه الإسلامي اليسر ورفع الحرج:
    معنى اليسر:
    إن الإسلام راعي بتشريع الأحكام حاجة الناس، وتأمين سعادتهم، ولذلك كانت هذه الأحكام كلها في مقدور الإنسان، وضمن حدود طاقته، وليس فيها حكم يعجز الإنسان عن أدائه والقيام به، وإذا ما نال المكلف حرج خارج عن حدود قدرته أو متسبب بعنت ومشقة زائدة لحالة خاصة، فإن الدين يفتح أمامه باب الترخص والتخفيف.
    الدليل على أن الإسلام دين اليسر:
    وليس أدل على أن الإسلام دين يسر من قوله تعالى: ومَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ في الدَّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] ومن قوله تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ [البقرة:185]. ومن قوله تعالى: لا يُكَلَّفُ اللهُ نَفْساً إلآ وُسْعَها [البقرة:286]. ومن قوله عليه الصلاة والسلام: " إنَّ الدَّينَ يُسـْرُ" (رواه البخاري:39).

    أمثلة على يسر الإسلام :
    ومن الأمثلة على يسر الإسلام ما يلي:
    1- الصلاة قاعداً لمن يشق عليه القيام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنبٍ" (رواه البخاري:1066).
    2- قصر الصلاة الرباعية والجمع بين الصلاتين للمســـافر، قال تعالى:َإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِِ [النساء:101]
    وروى البخاري(1056) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاةِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ إذا كانَ عَلىَ ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغرِبِ وَالعِشَاءِ " .
    [ على ظهر سير: سائر في السفر].

    مصادر الفقه الإسلامي:
    قلنا إن الفقه الإسلامي هو مجموعة الأحكام الشرعية التي أمر الله عباده بها، وهذه الأحكام ترجع بمجموعها إلى المصادر الأربعة التالية:
    القرآن الكريم – السنة الشريفة – الإجماع – القياس.
    القرآن الكريم:
    القرآن: هو كلام الله تعالى: أنزله على سيدنا محمد  ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وهو المكتوب في الصحف، والقرآن هو المصدر والمرجع لأحكام الفقه الإسلامي، فإذا عرضت مسألة رجعنا قبل كل شئ إلى كتاب الله عز وجل لنبحث عن حكمها فيه، فإن وجدنا فيه الحكم أخذنا به، ولم نرجع إلى غيره.
    فإذا سئلنا عن حكم الخمر، والقمار، وتعظيم الأحجار، والاستقسام بالأزلام، رجعنا إلى كتاب الله عز وجل لنجد قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90].
    وإذا سئلنا عن البيع، والربا، وجدنا حكم ذلك في كتاب الله عز وجل، حيث قال عز من قائل: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275].
    وإذا سئلنا عن الحجاب وجدنا حكمه في قوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31]
    بخمرهن: جمع خمار وهو غطاء الرأس. وجيوبهن: جمع جيب وهو شق الثوب من ناحية الرأس، والمراد بضرب الخمار على الجيب: أن تستر أعالي جسمها مع الرأس.
    وكذلك في قوله تعالى:أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب:59].
    يدنين: يرخين ويغطين وجوههن وأعطافهن. جلابيبهن: جمع جلباب وهو الرداء الذي يستر كامل البدن أعاليه وأسافله. أدنى: أقرب لأن تُميَّز الشريفاتُ العفيفات من غيرهن. فلا يؤذين: بالتعرض لهن.
    وهكذا يكون القرآن الكريم هو المصدر الأول لأحكام الفقه الإسلامي. لكن القرآن الكريم لم يقصد بآياته كل جزئيات المسائل وتبيين أحكامها والنص عليها، ولو فعل ذلك لكان يجب أن يكون أضعاف ما هو عليه الآن.
    وإنما نص القرآن الكريم على العقائد تفصيلاً، والعبادات والمعاملات إجمالاً، ورسم الخطوط العامة لحياة المسلمين وجعل تفصيل ذلك للسنة النبوية. فمثلاً: أمر القرآن بالصلاة، ولم يبين كيفياتها، ولا عدد ركعاتها.
    وأمر بالزكاة، ولم يبين مقدارها، ولا نصابها، ولا الأموال التي تجب تزكيتها. وأمر بالوفاء بالعقود، ولم يبين العقود الصحيحة التي يجب الوفاء بها. وغير ذلك من المسائل كثير.
    لذلك كان القرآن مرتبطاَ بالسنة النبوية لتبيين تلك الخطوط العامة وتفاصيل ما فيه من المسائل المجملة.

    السنة الشريفة:
    والسنّة هي كل ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير.
    فمثال القول: ما أخرجه البخاري(48) ومسلم(64) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سِبَابُ الْمسْلِمِ فُسُوقٌ، وقِتالُهُ كُفْرٌ".
    ومثال الفعل: ما رواه البخاري عائشة رضي الله عنها لما ســئلت: "مَا كَانَ يَصْنَعُ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في بيته ؟ قَالَتْ : كَانَ يَكونُ في مَهْنَةِ أَهْلَهِ، فَإذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ قَامَ إلَيْها" .
    مهنة التقرير: ما رواه أبو داود( 1267) أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال:" صلاة الصبح ركعتان"، فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين التي قبلهما فصليتهما الآن، فسكت رسول الله ، فاعتبر سكوته إقراراً على مشروعية صلاة السنة القبلية بعد الفرض لمن لم يصلِّها قبله.
    منزلة السنَّة:
    والسنة تعدُّ في المنزلة الثانية بعد القرآن الكريم من حيث الرجوع إليها: أي إنما نرجع أولاً إلى القرآن، فإن لم نجد الحكم فيه رجعنا إلى السنة، فإذا وجدناه فيها عملنا به كما لو كان في القرآن الكريم، شريطة أن تكون ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بسند صحيح.
    وظيفة السنة النبوية:
    وظيفة السنة النبوية إنما هي توضح وبيان لما جاء في القرآن الكريم، فالقرآن – كما قلنا – نص على الصلاة بشكل مجمل، فجاءت السنة ففصلت كيفيات الصلاة القولية والعملية. وصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:" صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُوني أُصَلَّي"( رواه البخاري:605).
    وكذلك بينت السنة أعمال الحج ومناسكه، وقال:" خُذوا عَنِّي مَناسِكَكُمْ" (رواه البخاري).
    وبينت العقود الجائزة، والعقود المحرَّمة في المعاملات، وغيرها.
    كذلك شرعت السنة بعض ما سكت عنه القرآن ولم يبين حكمه؛مثل: تحريم التختُّم بالذهب ولبس الحرير على الرجال.
    وخلاصة القول: إن السنة هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، وإن العمل بها واجب ، وهي ضرورية لفهم القرآن والعمل به.

    الإجماع:
    والإجماع معناه: اتفاق جميع العلماء المجتهدين من أمة سيدنا محمد  في عصر من العصور على حكم شرعيَّ، فإذا اتفق هؤلاء العلماء – سواء كانوا في عصر الصحابة أو بعدهم – على حكم من الأحكام الشرعية كان اتفاقهم هذا إجماعاً وكان العمل بما أجمعوا عليه واجباً. دليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن علماء المسلمين لا يجتمعون على ضلالة، فما اتفقوا عليه كان حقاً.
    روى أحمد في مسنده ( 6/396) عن أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ يَجْمَعَ أُمَّتي عَلى ضَلالَةٍ فَأَعْطَانيها".
    ومثال ذلك: إجماع الصحابة رضي الله عنهم على أن الجد يأخذ سدس التركة مع الولد الذكر، عند عدم وجود الأب.
    منزلة الإجماع:
    والإجماع يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الرجوع إليه،فإذا لم نجد الحكم في القرآن، ولا في السنة، نظرنا هل أجمع علماء المسلمين عليه، فإن وجدنا ذلك أخذنا وعملنا به.
    القياس:
    وهو إلحاق أمر ليس فيه حكم شرعي بآخر منصوص على حكمه لاتحاد العلة بينهما, وهذا القياس نرجع إليه إذا لم نجد نصاً على حكم مسألة من المسائل في القرآن ولا في السنة ولا في الإجماع.
    منزلة القياس:
    وأركان القياس أربعة: أصلُ مقيسٌ عليه، وفرعٌ مقيس، وحكم الأصل المنصوص عليه، وعلة تجمع بين الأصل والفرع.
    مثال القياس:
    إن الله حرَّم الخمر بنص القرآن الكريم، والعلة في تحريمه: هي أنه مسكر يذهب العقل، فإذا وجدنا شراباً آخر له اسم غير الخمر، ووجدنا هذا الشراب مسكراً حكمنا بتحريمه قياساً على الخمر، لأن علة التحريم- وهي الإسكار – موجودة في هذا الشراب، فيكون حراماً مثل الخمر.
    هذه هي المصادر التشريعية التي ترجع إليها أحكام الفقه الإٍسلامي ذكرناها تتميماً للفائدة، ومكان تفصيلها كتب أصول الفقه الإسلامي.


    ضرورة التزام الفقه الإسلامي، والتمسك بأحكامه، وأدلة ذلك من القرآن والسنّة.
    لقد أوجب الله على المسلمين التمسك بأحكام الفقه الإسلامي، وفرض عليهم التزامه في كل أوجه نشاط حياتهم وعلاقاتهم.
    وإحكام الفقه الإسلامي كلها تستند إلى نصوص القرآن والسنة، والإجماع والقياس- في الحقيقة – يرجعان إلى القرآن والسنة.
    فإذا استباح المسلمون ترك أحكام الفقه الإسلامي، فقد استباحوا ترك القرآن والسنة، وعطلوا بذلك مجموع الدين الإسلامي، ولم يعد ينفعهم أن يتسموَّا بالمسلمين أو يدَّعوا الإيمان، لأن الإيمان في حقيقته هو تصديق بالله تعالى، وبما أنزل في كتابه، وفي سنة نبيه عليه الصلاة والسلام.
    والإسلام الحقيقي يعني الطاعة والامتثال لكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل مع الإذعان والرضا.
    وأحكام الفقه الإسلامي ثابتة لا تتغير ولا تتبدل مهما تبدل الزمن وتغير، ولا يباح تركها بحال من الأحوال.
    أدلة ذلك من القرآن والسنة:
    والأدلة على وجوب التزام الفقه والتمسك بأحكامه كثيرة جداً في الكتاب والسنة:
    أما في الكتاب:
    فقد قال الله تعالى: اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء [الأعراف:3]. وقال: َلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً [ النساء: 65]. وقال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [الحشر:7]. وقال تعالى: إنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً [النساء:105]
    وبناءً على هذه النصوص الآمرة باتباع ما أنزل الله تعالى وتحكيم الرسول وسنته في كل ما ينشأ من معاملة بين الناس، والناهية عن كل مخالفة لله ورسوله.
    بناءً على ذلك يعد من يختار من الأحكام غير ما اختاره الله ورسوله، قد ضلَّ ضلالاً بعيداً
    قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً [ الأحزاب:36] .
    وأما في السنة:
    فالأحاديث كثيرة أيضاً، منها: ما روى البخاري(2797) ومسلم (1835) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله : " مَنْ أَطَاعَني فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصاني فَقَدْ عَصَى اللَّهَ". ومنها قوله : "وَالَّذي نَفْسي بيَدِهِ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبعاً لَما جِئْتُ بِهِ"
    (ذكره الإمام النووي في متن الأربعين النووية:41، وقال: حديث صحيح). وقوله: "عَلَيْكُمْ بِسُنتَّي" (رواه أبو داود: 4607، والترمذي:2678). وقوله:"تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّو بَعْدِي: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتي" (انظر:مسلم:1218،وأبو داود:1905، والموطأ:2/899).
    هذه الأدلة من القرآن والسنة واضحة في وجوب إتباع الأحكام التي شرعها الله عز وجل للعباد في كتابه، وعلى لسان نبيه، قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63].
    التعريف ببعض المصطلحات الفقهية:
    لا بد قبل البدء بأبواب الفقه ومسائله من التعريف ببعض المصطلحات الفقهية التي تدور عليها أحكام الفقه في جميع الأبواب وهذه المصطلحات هي :
    1- الفرض:
    الفرض هو ما طلب الشرع فعله طلباً جازماً، بحيث يترتب على فعله الثواب، كما يترتب على تركه العقاب.
    ومثاله الصوم، فإن الشرع الإسلامي طالبنا بفعله مطالبة جازمة، قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة:183]. أي فرض. فإذا صمنا ترتب على هذا الصيام الثواب في الجنة، وإذا لم نَصُمْ ترتب على ذلك العقاب في النار.
    2- الواجب:
    والواجب مثل الفرض تماماً في مذهب الشافعي رحمه الله تعالى، لا فرق بينهما أبداً إلا في باب الحج.
    فالواجب في باب الحج:هو ما لا يتوقف عليه صحة الحج، وبعبارة أخرى: لا يلزم من فوته فوت الحج وبطلانه، وذلك مثل رمي الجمار، والإحرام من الميقات، وغير ذلك من واجبات الحج، فإذا لم يأت الحاج بهذه الواجبات صح حجه، ولكن كان مسيئاً، ووجب جبر ترك هذه الواجبات بفدية هي إراقة دم.
    وأما الفرض في الحج فهو ما يتوقف عليه صحة الحج، وبعبارة أخرى: يلزم من فوته فوت الحج وبطلانه.
    ومثال ذلك الوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، وغير ذلك من الفروض فإنه إذا لم يأت بها بطل حجه.
    3- الفرض العيني:
    هو ما يطلب من كل فرد من أفراد المكلفين طلباً جازماً، مثل الصلاة والصيام، والحج على المستطيع، فإن هذه العبادات تجب على كل مكلف بعينه، ولا يكتفي بقيام بعض المكلفين بها دون الباقين.
    4- الفرض الكفائي:
    هو ما كان مطالباً بفعله مجموع المسلمين، لا كل واحد منهم، بمعنى: أنه إذا قام به بعضهم كفى، وسقط الإثم عن الآخرين، وإذا لم يقم به أحد أثموا وعصَوا جميعاً.
    ومثل ذلك: تجهيز الميت والصلاة عليه، فإن واجب المسلمين إذا مات فيهم ميت أن يغسلوه ويكفنوه، ويصلوا عليه، ثم يدفنوه، فإذا قام بهذا العمل بعض المسلمين حصل المقصود، وإذا لم يقم به أحد عصَوا جميعاً، وأثموا لتركهم هذا الفرض الكفائي.
    5- الركن:
    وهو ما وجب علينا فعله وكان جزءاً من حقيقة الفعل،وذلك مثل قراءة الفاتحة في الصلاة، والركوع، والسجود فيها، فهذه الأمور تسمى أركاناً.
    6- الشرط:
    وهي ما وجب فعله، ولكنه ليس جزءاً من حقيقة الفعل، بل هو من مقدماته، وذلك مثل الوضوء، ودخول وقت الصلاة، واستقبال القبلة، فهذه الأمور كلها خارجة عن حقيقة الصلاة، ومقدمة عليها، ولا بد منها لصحة الصلاة، وتسمى شروطاً.

    7- المندوب:
    والمندوب هو ما طلب الشرع فعله لكن طلباً عير جازم، حيث يترتب الثواب على فعله، ولا يترتب العقاب على تركه.
    ومثال ذلك: صلاة الضحى، وقيام الليل، وصيام ستة أيام من شوال وغير ذلك، فهذه العبادات إن فعلناها أثبنا عليها، وإن لم نفعلها لم نعاقب على تركها.
    ويسمى المندوب سنة، ومستحباً، وتطوعاً، ونفلاً.
    8- المباح:
    وهو ما كان فعله وتركه سواءً، لأن الشرع لم يأمرنا بتركه، ولم يأمرنا بفعله، بل جعل لنا حرية الترك والعمل، ولذلك لم يترتب على فعل المباح أو تركه ثواب أو عقاب، ومثال ذلك قوله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10].
    أفادت هذه الآية أن العمل بعد صلاة الجمعة مباح، فمن شاء عمل، ومن شاء ترك.
    9- الحرام:
    وهو ما طالبنا الشرع بتركه طلباً جازماً، بحيث يترتب على تركه امتثالاً لأمر الله ثوابٌ ويترتب على فعله عقاب، ومثال ذلك: القتل، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ [الإسراء:33]. وأكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى: وََلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ [البقرة:188]. فإذا فعل الإنسان شيئاً من هذه المحرَّمات أثم واستحق العذاب، وإذا تركها تقرباً إلى الله استحق على تركها الثواب.
    ويسمى الحرام محظوراً، ومعصية، وذنباً.
    10- المكروه:
    والمكروه قسمان: مكروهاً تحريمياً، ومكروهاً تنزيهياً.
    المكروه تحريمياً: هو ما طالبنا الشرع بتركه طلباً جازماً لكن دون طلب ترك الحرام، بحيث يترتب على تركه امتثالاً لأمر الله تعالى الثواب، ويترتب على فعله العقاب، لكن دون عقاب الحرام. ومثال ذلك صلاة النفل المطلق عند طلوع الشمس، أو عند غروبها. فهذه الصلاة مكروهة تحريمياً.
    المكروه تنزيهياً: هو ما طلب الشرع تركه طلباً غير جازم، بحيث إذا عرفة للحاج، فإن ترك الصوم امتثالاً لأمر الدين أثيب ، وإن صام لم يعاقب.
    11- الأداء:
    وهو فعل العبادة في وقتها المحدد لها من قبل الشرع، وذلك كصيام رمضان في شهر رمضان، وكصلاة الظهر في وقتها المحدد شرعاً.
    12- القضاء:
    وهو فعل العبادة التي وجبت خارج وقتها المحدد لها من قبل الشرع، وذلك كمن صام رمضان في غير رمضان بعد فواته، أو صلى الظهر في غير وقتها المحدد شرعاً بعد فواته.
    والقضاء واجب، سواء فاتت العبادة بعذر، أو بغير عذر، والفرق بينهما: أن فوتها بغير عذر موجب للإثم، وفوتها بعذر غير موجب للإثم.
    قال تعالى: ِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] . أي من أفطر لعذر مرض أو سفر، فعليه قضاء ما فاته بعد رمضان.
    13- الإعادة:
    والإعادة هي فعل العبادة في وقتها مرة ثانية لزيادة فضيلة، وذلك كمن صلى الظهر منفرداً، ثم حضرت جماعة، فإنه يُسَنُّ له إعادتها تحصيلاَ لثواب الجماعة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 08, 2024 4:01 am